الضوء القادم
  موعد سفر
 



--------------------------------------------------------------------------------------مقدمة روايتي الجديدة ... موعد سفر



جالس عند المساء
 اشعر بالصمت وبالوحدة
 والوحدة تصبح مخلوقا أعمى حين يرافقها الصمت
 الصمت مخيف
 لم يبقى إلا أنا وأنت
 والثالث مجنون
 والأربعة الباقون مفقودون
 لن يعودوا
 لأنهم لم يكونوا يوما
 نهاية حلم
 لم يبقى على موت الحلم سنين
 والناس نائمين
 نحن اثنان
 والثالث مجنون
 أو بشيء آخر هو مفتون
 والأربعة الباقون إن وجدوا فهم مفقودون
 الشاهد على عصرنا يؤكد الجنون
 وبأن الزمن القادم مأفون
 يقرأ كل صباح تراتيل التقرير
 وليس عنده لما يحدث تبرير
 مع كل الصمت على الأبواب
 يسمع للباب صرير
 لا ريح لا شمس
 لا صدأ غطى الباب
 ولا احد غاب
 ومن تحت الأرض عاد بجواب
 كأني سأكتب عن الزمان
 لكني انتظر الأوراق
 أوراقي في درج الصمت
 والصمت طويل
 ونسيم من ناحية الشرق
 لا أدري هل أبدأ غدا
 أم بعد غد
 أم انتظر المطر
 عل بذور القمح تنمو
 وتأتي من تحت الأرض بخبر
 عن موعد سفر........... 


هي الطاقة تعبق بأرجاء الكون, ويقترب الوعي من حدود غابة سوداء قاتمة, وساكنة يتملكها الصمت. نظرت حولي فلم أجد سوى الجمال الساكن, وظلال ترسم واقع الكينونة القصوى لبدايات التشكل. سافرت عبر أرجاءها كما الصمت حتى صرت أطير بلا أجنحة, بل انظر فقط. الزهور من رسمت خطوط التوافق, بين أن أكون هناك أو لا أكون. لفت انتباهي تواجد الحركة فوق السكون, حين رأيت شيء كنحلة فوق زهرة. أعدت النظر, فرأيت النحلة طفل يتكون. اذكر معنى الطفولة من قراءاتي في دفتر التواجد القادم. رأيته يحوم حول جمال الزهرة ثم يكبر, حتى أصبح طفلا ثم شابا. أراه الآن رجلا يسير على الدرب نحو ارتقاء. إلى أين يسير؟, لم أكن ادري. ولم اعلم بأني أراقب النشوء. أيكون الوعي من صنع التشكل؟, أم التشكل العفوي هو من رسم للعيون نظرة تبحث عن حقيقة؟. وهناك آخر, يحوم حول جمال زهرة أخرى, ويكبر حتى يصبح رجلا يبحث عن ارتقاء. ثم يسير في درب آخر. ويكتمل الوعي, حيث يصبح دهشة ثم تساؤل. أهو البحث عن الأم؟, أتكون الطبيعة؟, أم هي الغابة السوداء القاتمة, أم تلك الزهرة الجميلة. ونتابع السير مع الدروب, نغض الطرف عن البقاء, حتى نصعد إلى أعلى التل. تتوه الدروب, وتنقطع حدود الرؤيا, بين أغصان متشابكة وظلال. نقف على أطراف السكون, ننظر إلى الأسفل هناك. وفي وسط المتاهة الصماء, تتراءى لنا المحطة,هي اكبر من أن تكون محطة, واقل من أن تكون الحقيقة. نسير بين أشجار كالظلال, حتى نعبر إلى عالم أكثر وضوحا. نحن في وسط تلك البقعة المليئة بالأشياء المصنعة على شكل أول الكلمات. أخذنا نلتفت إلى الوراء, لم يعد من الغابة سوى ذكرى شاحبة, ترتسم على مخيلة طفولية. فنحن أمام هياكل صلبة, وأضواء تخطف الأبصار والبصيرة. هل هي النهاية؟, أم نحن من بدأنا بصنع الحقيقة حتى تصبح واقعا مرسوما, وهياكل تقف أمام الوعي, كي تفرض على الأجساد المتعبة من السفر بعض القدرية. لم أكن ادري, ولكني قررت الانسحاب, نحو أطراف الغابة. وتركت الاثنان هناك, فأنا لم اعد احتمل أي تساؤل أو جواب. كان العبور إلى المحطة أشبه بالمخاض, أو هو انعدام للرؤية والوعي, حين نكون داخل أغشية الرحم. بل هي الولادة حين تستفيق عيوننا على بدايات تتراءى وكأنها حقيقة, فنحن لا نعلم من أين أتينا, ولا كيف يصبح الانتقال نوع من الغثيان, أو فقدان للذاكرة الأولى حين نصحو داخل قوقعة. وهمية مع كل حقيقتها المترائية, تأتي أحداثها من وقائع أيام مضت. أحيانا نكون عبر الفصول, في رواية تأتي ببقايا الأزمان العابرة, وحتى القادمة. لست ادري, كيف سأسرد للقهر تاريخ, ولا كيف سأخبر عن الأمل, فيما ستكون عليه نهاية الوهم القابع فينا. هي إشارات وحكايات, تتحدث عن ملل وإرهاق قاتم, حين ننتظر في تلك المحطة حتى يأتي الوقت المتسارع دون أن ندري بموعد سفر. أتسمعون الموسيقى, تكون بعيدة عن حدود الإصغاء أحيانا, ولكنها تخرج من الأعماق, حزينة لا تحتمل. كل الاحترام لمعنى الإصغاء دون النظرة, والى البقاء دون التصاق. فالرؤية المبعثرة تتوافق مع أوجه القمر, كتلك الطاقة العابقة بالروح والأمل. و الشمس حقيقة, حين ننظر من خلال نورها الساقط, ونبقى ننظر, حتى تقترب الموسيقى من أعماقنا. عندها نفارق شغف البقاء قسرا. ونقف كي نلقي في تلك الأقبية السفلية ما تبقى منا. لعلها النهاية, لا نعرف من نحن, والى أين تعود بنا المسافات القادمة على طول الزمن. كأنه القلق حين يسكن فينا, يبقينا على مقاعد لا تنتظر. نحن من نبقى حتى يعود إلينا الوعي يوما, عندها يأتي الوقت المتسارع دون أن ندري بموعد سفر. نسمع موسيقى, وكأنها تأتي من عالم يحتار به الإنسان, هي من عالم حر, تقف الظلال على أطرافه خلف سياج شائك. واسأل طفلي الصغير, كيف قلت بأن تلك الموسيقى جميلة؟. يحتار في اختيار المعنى, كما يحتار في الكلمات. يبتسم حين يقول جميلة هي, فهو لا يسمع الضوضاء تأتي من خلف دقات الإيقاع ابدآ, ولا يرى الوجوه الحاقدة. نوع من امتداد البراءة حد التكامل. ابتسم لما اسمع منه. فهو الصغير, وله قلب دافق يملؤه الحب والطهر. عيونه البريئة ترتجي الحلم في ارض واقع مر وتغفو على أنغام يصنعها النضوج من عصارات الألم. آنا أيضا أحب أن اسمع صوت الموسيقى, فكم تكون عذبة تلك السواقي, حين يكون الماء فيها نابع من دفق العطاء الصادق. وكأني صرت أخاف أن احملهم على أجنحة قاهرة, ترسلهم إلى عالم يقل فيه الوعي عن معنى الحقيقة. ويصبح فيه المنطق نوع من كلمات لا أكثر. هي الحقيقة ترسمها الحركة والحس وما يتشكل يبقى كما الصدى, بعض من وهم, أو هي موسيقى رخيصة تعزفها الطرقات الخلفية. لم اعد احتمل أن أكون فحوى البقاء أكثر ولكنها القدرية من ترسم التشكل عبء, كي يتوارى الخوف بين جماليات نحترمها وأحيانا نلوم أو نشتكي ونبقى نتساءل دون أن نملك حق التصرف في مجريات الحوار. منتهى العنفوان حين نمارس الخوف دون مبالاة ونمارس الحياة دون انتقاء, تصور سخيف أن نداري الحقيقة خلف أجنحة العقل, ولكنها الحياة تتشكل كحلم يتقهقر نحو انهيار أو انتحار, أو كما يقال هو استسلام لأمور لا نفقه منها سوى الإيمان, دون أن نعي حجم الحدود أو أي انتهاء يملك أطرافا منطقية . تركتهم هناك, حيث التشكل تملؤه الكلمات وحديث الطرقات يصبح هيكل يثير حوله الغبار ثم الرماد والقدسية, سأغيب من جديد ولن أعود, حتى ينتهي الوصف ويعود الحلم إلى العدم, عندها تتراءى الحقيقة 
كصبية عذراء تغتسل في ماء السواقي.

 
 
  178704 visitors  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free