من عامين
وأنا أعرض قلبي في سوق الحب
أتعشم أن تأتي عينان كعينيك
محملتان بأسرار الشعر
بزرقة بحر الشعر
وخضرة غابات الشعر
وأضواء الشعر الفيروزية
عامان...
وأنا أتعشم أن تمسح عرقي
كف حنطية
فأشم أريج الحناء
وأحس بأن العالم ... أجمل
عامان ..
وأنا ثاو في سوق الحب
كغصن مهمل
ينكسر الوقت ... وينكسر القلب
ويرشقني العشاق المبتهجون
بماء الجدول
فأعود يكبلني الغيظ
أضمد بالآهة جرحي
وأقرر:
ما زلت على قيد الحب الأول!
(مصطفى غنيم .. )
أجل هكذا كان اسمه ..
خاطرتي لم تكن سوى اعترافات صبية, وجدتها عند باب حديقتي.
قالت في نهايتها :
اقرأها لمن تشاء، حتى تعرف السماء، كم حزن العيون الصغيرة.
الفراشة البيضاء
كانت تنظر إليها وهي تلعب أمام البيت, صغيرة كالأغصان الربيعية اليانعة. تبتسم حين تسمعها تحدث قطتها الصغيرة عن فستانها الجديد, وتخبرها عن الورود الزهرية على أطرافه كم هي جميلة.
تركض وراء القطة, ثم تلتفت إلى شيء بين الأزهار أمام الممر, كانت فراشة بيضاء تتجه نحو البيت. خرج الهدوء من النافذة, حين أسرعت الصغيرة نحو الغرفة وهي تحاول أن تمسك بها, ضحكات طفولة تأتي من خلف أحلام الكبار المنهارة على أبواب النضوج.
لم تستطع أن تمسك بها, وتعثرت بطرف السجادة, ثم جلست تبكي. أسرعت إليها ورفعتها, ثم مسحت دمعها وقالت, لما تريدين الإمساك بها؟.هي رقيقة, وستتلف أجنحتها الناعمة بين يديك. دعيها تطير كما تشاء, فهو فال خير حين يدخل الفراش الأبيض إلى البيت.
مرت الأيام, وخرجنا من رحم الحياة, وصرت طفلاً يلعب في الحديقة وفي الطرقات الترابية حول البيت. وتلك الصغيرة وفستانها الجديد ذو الورود الزهرية الجميلة, أصبحت أمي. وهاهي تجلس هناك, تنظر إلينا ثم تبتسم, لم نكن نلحق بالفراش الأبيض, بل نتمناه أن يدخل البيت, حتى نرى ابتسامة الأمل على وجهها. هو فال خير كما كانت تقول لنا, حين تتراءى لها ذكرياتها الصغيرة من خلف السنين.
لم أدر كيف كبرنا, ولا كيف تسارعت ضحكاتنا القديمة نحو الأفق البعيد. وها أنا أجلس على مقعد أمام السرير في المستشفى, انظر إلى الجسد الملقى بين صراعات الألم. كان أخي الأصغر, منذ الشتاء الماضي وهو يعاني من تلك الآلام المبرحة, ولكن دون جدوى تسير بنا الأيام والليالي نحو انتهاء, فبعد آخر عملية بدأت اشعر بأنه لم يبق منه, ولا له الشيء الكثير.
انظر إليه وأحاول أن اكتشف بين ملامحه الداكنة أي ارتعاش, إن كان ألم, أم صحوة أخرى من تأثير المخدر, لحظات مرت وإذ به يبتسم ويقول بصوت خافت:
v انظر هناك بجانب الصورة
التفت حيث أشار ثم تابع:
v فراشة بيضاء, رأيتها وهي تدخل من النافذة.
بالفعل كانت, أخذت تحلق في فضاء الحزن من مكان إلى آخر.
نظرت إلى الأمل والفرح في عينيه ثم قلت:
v اجل هي جميلة, ولكن اخبرني كيف تشعر الآن.
أجاب:
v اشعر أفضل, هل تطلب لي أمي على التلفون لأخبرها عن الفراشة, ستفرح حين تعرف.
اتصلت بها , وأجابت بصوت مرتجف وقالت:
v ما ذا حصل.
قلت لها :
v لا شيء هو بخير ويريد أن يتحدث معك.
اخذ يخبرها عن الفراشة وكم هي كبيرة وجميلة, واخبرها بأن تطمئن فهو سيصبح أفضل, لأنها فال خير كما كانت تقول له.
انتهت المكالمة وكأنها آخر الكلمات, وخرج الأمل تحمله تلك الأجنحة البيضاء حين استفاق الألم في الجسد المتهالك, تسارعت حركة الجميع هناك, وغاب زمن الصغير في الطابق الأسفل. غادرت المستشفى في آخر تلك الليلة وبقي شبح العذاب داخل عباءة الأيام.
مضى أكثر من عام, وعدت اصعد الجبل المقابل لبيتنا وحدي, لم يعد هناك أخي الصغير. أجلس على الصخور المطلة على الحي, وتداعب عقلي الذكريات, منها الحزين ومنها ما يحمل أصداء المرح القديم. صرت في الجامعة ولا زلت احمل كتبي معي إلى تلك الصخور, كثيرا ما كنت القي بالكتاب, واخرج مع الأصداء أعانق الريح, لكني لم أكن احتمل الفراشات وهي تحوم, ألحقها, أمسك بها, واضعها في الكتاب, ثم أعود إلى البيت . لم ادر كيف امتلأت الجدران حولي بالفراش, كنت اغرز في أجسادها دبابيس صغيرة, وأعلقها حول الباب والنافذة, حتى مكتبي الصغير كانت أدراجه قد امتلأت بها.
لكن الزمن هو من يملك الحق في استبقاء الرؤى كما يشاء. ففي يوم, كنت اجلس في المكتبة العامة, حيث مكان عملي. ابحث بين الكتب, فوجدت كتابا صغيراً عن الحياة الروحية بعد الموت, لمؤلف لا زلت اذكره جيداً كان اسمه ( كوستا الخوري ), جلست اقرأ حتى وصلت إلى فقرة تتحدث عن رحيل الروح من هذا العالم, وكيف يكون رحيلا بمنتهى السعادة حين نترك هذا العالم الثقيل بالأعباء والآلام, فنحن لا نملك أمر السعادة أو البقاء, هناك ما يؤرق سحر الابتسامة, حين يخرج من بين ظلال الغفلة واقع آخر لم يكن على حسابات الأمل ابدآ, هي لحظة كالبشرى حين تأتي لتحمل معها سبيل الخلاص.
أنهيت قراءتي وغادرت إلى البيت, وبدون أن ادري جلست على الأريكة في غرفتي, انظر لتلك الكائنات الجميلة, و لأجنحتها المجففة, كم هي ساحرة بزخرفتها وتعدد ألوانها, وبدأت اشعر بأن أجسادها الصغيرة, هي بشرى تحملها الطبيعة, لتحلق نحو العذاب أينما يكون. وقفت, وبدأت اخرج الدبابيس من أجسادها, وأجمع بقاياها. وذهبت إلى الحديقة, حتى أعيدها إلى أزلية النشوء من جديد.
توارت الحكاية تحت التراب. وعدت إلى البيت, احمل شعوراً بالراحة وإحساس ببعض الطمأنينة. هي الأرض أيضا تبتسم حين تسمعها تحادث قطتها الصغيرة, فالكل ينتمي لحديث يخرج من الابتسامات الأبدية, حين تصبح الضحكات الطفولية أصداء وذكرى.
قصة تكتمل مع كل شمس مشروع قصة ....
يخرج في الصباح بلا عبث قريب , ينهال فوق شمس الشروق مثل نهم الوقت المتسارع
كبير ولكن بعقل طفل الطرقات , هكذا يكون الناظر للمرآة حين يكبر ......
لا يصدق و الده بأن كل من حول صغيره تحول الى مرآة
كبر وهو لا يفهم معنى الأمنية ولا الحرمان فقد كان عطاء من حوله إستحقاق فطري
لا يناقش , هكذا ترعرع الظلم الصغير حتى يكبر .
رحل الناظر نحو عالم آخر ... وبقي المنظور اليه تحت وقع الملامة الصامتة
يحصل على ما حوله باقتناص وابتسامة ... و الفتيات بلا اصابع تشير الى عينيه
كأنه واجب الاخوة القاهر ... أحياناً
هكذا تبدأ رحلة الأنا ...
لا حق للنباتات الأخرى أن تنمو في ارض السيقان المتضخمة
يحتاج الى اكثر من تلك القرية ....
شعور
هو شعور بالتفرد , وهم والاستحقاق الذي تفرضه النفس